طلال أبوغزاله
على الرغم من التحديات والشكوك، يظل مسار بكين الاقتصادي واعدًا، مدعومًا بنهج متعدد الأوجه، يركز على الاستهلاك المحلي والابتكار التكنولوجي واعتماد حلول الطاقة المستدامة.
في إطار منطقة آسيا والمحيط الهادئ الديناميكية، التي تتميز بالنمو القوي والفرص الناشئة، تبشّر المبادرات الاستراتيجية الصينية بعهد جديد من المرونة الاقتصادية والريادة، حيث يحتل تحسين جودة النمو على حساب التوسع الهائل، صدارة الرؤية الاقتصادية الصينية.
ويعكس هذا التحول إدراك الاقتصاد الناضج لأهمية الاستدامة والكفاءة والابتكار في دفع الازدهار على المدى الطويل، فمن خلال تعزيز بيئة مواتية للابتكار وريادة الأعمال، تسعى بكين إلى إطلاق العنان للإمكانات الكاملة لرأس المال البشري والقدرات التكنولوجية، ولا يقتصر هذا الالتزام بالابتكار على تعزيز الإنتاجية المحلية فحسب، بل يعزز أيضًا قدرتها التنافسية على الساحة العالمية.
علاوة على ذلك، يمثل تبني الصين للطاقة الخضراء حجر الزاوية في جدول أعمال التنمية المستدامة، والذي يترافق مع التزام راسخ بخفض انبعاثات الكربون والتخفيف من التدهور البيئي، ويمكن القول إن بكين حازت ريادة عالمية في نشر الطاقة المتجددة، إذ إنه، ومن خلال الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية لطاقتي الرياح والشمس، لا تعالج الصين المخاوف البيئية الملحة فحسب، بل تستفيد أيضًا من السوق المزدهرة لتكنولوجيا الطاقة النظيفة.
ومن هنا لا يؤكد هذا الانتقال نحو( اقتصاد منخفض الكربون )على رعاية بكين للبيئة فحسب، بل يقدم أيضًا فرصًا مربحة للمستثمرين والمبتكرين وأرباب الصناعة على حد سواء.
وتظل منطقة آسيا الأوسع، التي تشمل الاقتصادات الديناميكية في جنوب شرق آسيا، منارة للنمو في الاقتصاد العالمي، حيث يعيد التوسع الحضري السريع، وتوسع التركيبة السكانية للطبقة الوسطى، والرقمنة المتزايدة، تشكيل سلوك المستهلك وديناميات السوق، بما يخلق أرضًا خصبة للاستثمار والتجارة.
وأرى أن الروابط الاقتصادية المتعمقة للصين مع جيرانها الآسيويين تعمل على مضاعفة هذه الفرص، وتيسير التعاون عبر الحدود، ودمج سلسلة التوريد والوصول إلى السوق عبر قطاعات متنوعة. وعلى وجه الخصوص، يبرز قطاع التكنولوجيا كدعامة رئيسية للتحول الاقتصادي في آسيا، حيث يدفع عجلة الابتكار ومكاسب الإنتاجية.
ومع وجود الصين في طليعة التقدم التكنولوجي، خاصة في مجالات مثل البرمجة التفاعلية المسماة بالذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية لشبكة الجيل الخامس، والتجارة الإلكترونية، تقف المنطقة على أهبة الاستعداد للاستفادة من القوة التحولية للتقنيات الرقمية؛ إذ تحفز هذه الثورة النمو الاقتصادي، وتعزز أيضًا التنمية الشاملة، وتسد الفجوة الرقمية وتفتح مسارات جديدة للازدهار لملايين الأشخاص في جميع أنحاء آسيا.
علاوة على ذلك، فإن تطور تفضيلات المستهلكين وأنماط الحياة يفتح آفاقًا جديدة لتوسع السوق ونمو الأعمال. فمن المعروف أن ارتفاع الدخل المتاح وتغير السمات السكانية وأنماط الاستهلاك المتغيرة تؤدي إلى زيادة الطلب على مجموعة متنوعة من السلع والخدمات.
وفي هذه المنطقة بالذات تكتسب الشركات القادرة على فهم اتجاهات المستهلكين المتغيرة ومواجهتها ميزة تنافسية في الأسواق النابضة بالحياة في آسيا، حيث يكون الابتكار وقابلية التكيف والاستراتيجيات التي تركز على المستهلك هي الأهم.، لذا أرى أن الصين لا تعمل على تأمين ازدهارها فحسب، بل تعمل أيضا على تحفيز التأثيرات الإيجابية غير المباشرة، عبر منطقة آسيا باعتبارها قوة اقتصادية عالمية في القرن الحادي والعشرين.